اللاجئون الفلسطينيون في لبنان 32
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
اللاجئون الفلسطينيون في لبنان 32
في خاتمة هذا النص الذي مازال مفتوحاً، لابد من قول كلمة والتحفظ عليها في الوقت نفسه. فلا يمكن الاستنتاج مما سبق استعراضه في هذا النص بحضور عنصرية لبنانية حيال الفلسطينيين في لبنان. ولا يمكن عزو رغبة بعضهم الفصيحة برحيل الفلسطينيين كلهم أو جلهم عن لبنان إلى عنصرية بالمعنى الذي عرفته حضارة أوروبا البيضاء و/ أو نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا أو إسرائيل.
فمنذ البدايات، لم تكن السياسات المتشددة إزاء الفلسطينيين والتي أسست لسيرورة من التهميش القسري الاجتماعي والسياسي، ذات طابع عنصري تجاه الفلسطينيين بما هم كذلك. إنها في الأساس سياسة ذعر غرضها الحفاظ على الصيغة اللبنانية” التي نتجت عن ميثاق 1943، وعن جملة الامتيازات التي توفرها هذه الصيغة لنفر مخصوص من اللبنانيين. ولقد دفع الفلسطينيون ثمن هشاشة هذه الصيغة وفي الأصح ثمن سياسة الدفاع الوقائي الذي استهدف صون صيغة لا تصمد أمام أي امتحان. بدليل بسيط هو أنها بالضبط صيغة قائمة على التوازن الهش، أي المعطوب. ثم ألا تلخص القولة اللبنانية الشهيرة بأن (قوة لبنان في ضعفه) هشاشة الصيغة والوعي بهذه الهشاشة في آن؟
ربما كان الفلسطينيون في لبنان ضحية الصيغة اللبنانية التي لم تترك مكاناً في العام 1943 لأية مجموعة بشرية و/ أو طائفة جديدة في داخل التركيبة. غير أن لبنان قبل الفلسطينيين هو أيضاً أسير الصيغة الهشة التي لا يمكن لها أن تصمد أمام أي تغيير محتمل دائماً إن على المستوى الداخلي أو على المستوي الإقليمي القريب.
وبهذا الخصوص، لم يخطئ الأستاذ كريم بقرادوني بقوله إن “واثق بأنه ليس هناك سياسة من التمييز العنصري بين اللبنانيين والفلسطينيين بحيث يتم إفقار الفلسطينيين وإثراء اللبنانيين على حسابهم”(85). غير أن البؤس الفلسطيني يحتاج مع ذلك إلى تفسير أو فهم واستيعاب. ولا يكفي تأكيد الأستاذ بقرادوني وغيره بخصوص أن أوضاع الفلسطينيين في لبنان هي أقل سوءاً من أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في بلدان عربية أخرى لإعلان البراءة. إذ كيف نفهم القيود بخصوص العمل؟ كيف يمكن فهم الوظيفة الاجتماعية، والسياسية/ الاقتصادية بالتالي وبالتعريف، لوضع أكثر من 1010• من مجموع السكان في لبنان في هامش؟ إن سوق العمل اللبناني مغلق عملياً أمام الفلسطينيين باستثناء سوق العمل الوحيد الذي يحفظ الفلسطينيين بالضبط في الهامش الوحيد المتاح أمامهم، وهو هامش العمل الأسود، المفتوح. فحتى أفراد النسبة الضئيلة (3،5•) من الفلسطينيين المجازين من قبل السلطات الرسمية فإن شروط العمل الأسود قريبة منهم: إنهم مستثنون من الضمانات الاجتماعية والتقديمات العائلية وغيرها من “الامتيازات” التي تقتطع من أجورهم ويحرمون منها في الوقت نفسه.
صحيح إنه لا توجد عنصرية رسمية غرضها إفقار الفلسطينيين وإثراء اللبنانيين. غير أن هذا لا يمثل غير نصف القصة والجزء الطافي على السطح منها. إذ كيف نتناسى العلاقة القوية بين قطاعات عديدة من قطاعات الاقتصاد اللبناني والسوق الموازية والسوداء التي يحتل فيها العمل الأسود بالضرورة دوراً مركزياً في حيويته؟ وكيف نتناسى واقعة أن الفلسطينيين في لبنان يشكلون بالضبط المادة البشرية في العمالة السوداء؟
وبهذا لخصوص، يحاول حقوقيون ومثقفون ذو نوايا طيبة إثبات لا قانونية ولا إنسانية هذا الحرمان المجحف بحق العمالة الفلسطينية في لبنان. غير أن الأمور تتجاوز كما يظهر النوايا الطيبة بالتأكيد. بدليل وحيد أن هذا الترتيب الإداري جار ونافذ منذ خمسين سنة بالرغم من كل الاعتراضات والاحتجاجات عليه والبراهين بعدم قانونيته والالتماسات لإلغائه منذ حوالي خمسين سنة كذلك. ولا يمكن القول في هذه الحالة لا بسهو المشرّع أو جهله ولا بالتباس الأمور عليه.
يبقى أن نقول إن البؤس الفلسطيني في لبنان يظل عصياً على الاستيعاب إن لم توضع الوظيفة التي تحققها العمالة الفلسطينية في الاجتماع اللبناني نفسه في دائرة الضوء. ويمكن المجازفة بتقديم الفرضية التالي بيانها: عديدة هي القرائن التي ترجح القول إن لبنان، الذي كان تشكل حديثاً حين لجأ الفلسطينيون إليه، ما كان يمكن له غير أن يضع الفلسطينيين على هوامشه وأن يكيّف نفسه، وإذن سياساته واقتصاده، ومنظومة قيمه الاجتماعية، على وجود الفلسطينيين في هذا الهامش، من ناحية، وفي الوقت نفسه توظيف هذا الهامش لصالحه، من ناحية ثانية. ويتصل ذلك بطبيعة الحال تلك “العنصرية” العادية بحسب تعبير الأستاذ سمير قصير في النهار التي أفصح عنها الوزير السابق السيد نقولا فتّوش ناعتاً الفلسطينيين بـ “النفايات البشرية”، وبتلك الطاقة التدميرية الهائلة التي تكشف عنها القتلة الصغار في مجزرة صبرا وشاتيلا، وتفصح عنها بآلاف الصيغ التي لا تبدأ بالنكتة و لا تنتهي بالشفقة. غير أن هذا يستوجب بحثاً لا مجال له هنا ولا محل.
فمنذ البدايات، لم تكن السياسات المتشددة إزاء الفلسطينيين والتي أسست لسيرورة من التهميش القسري الاجتماعي والسياسي، ذات طابع عنصري تجاه الفلسطينيين بما هم كذلك. إنها في الأساس سياسة ذعر غرضها الحفاظ على الصيغة اللبنانية” التي نتجت عن ميثاق 1943، وعن جملة الامتيازات التي توفرها هذه الصيغة لنفر مخصوص من اللبنانيين. ولقد دفع الفلسطينيون ثمن هشاشة هذه الصيغة وفي الأصح ثمن سياسة الدفاع الوقائي الذي استهدف صون صيغة لا تصمد أمام أي امتحان. بدليل بسيط هو أنها بالضبط صيغة قائمة على التوازن الهش، أي المعطوب. ثم ألا تلخص القولة اللبنانية الشهيرة بأن (قوة لبنان في ضعفه) هشاشة الصيغة والوعي بهذه الهشاشة في آن؟
ربما كان الفلسطينيون في لبنان ضحية الصيغة اللبنانية التي لم تترك مكاناً في العام 1943 لأية مجموعة بشرية و/ أو طائفة جديدة في داخل التركيبة. غير أن لبنان قبل الفلسطينيين هو أيضاً أسير الصيغة الهشة التي لا يمكن لها أن تصمد أمام أي تغيير محتمل دائماً إن على المستوى الداخلي أو على المستوي الإقليمي القريب.
وبهذا الخصوص، لم يخطئ الأستاذ كريم بقرادوني بقوله إن “واثق بأنه ليس هناك سياسة من التمييز العنصري بين اللبنانيين والفلسطينيين بحيث يتم إفقار الفلسطينيين وإثراء اللبنانيين على حسابهم”(85). غير أن البؤس الفلسطيني يحتاج مع ذلك إلى تفسير أو فهم واستيعاب. ولا يكفي تأكيد الأستاذ بقرادوني وغيره بخصوص أن أوضاع الفلسطينيين في لبنان هي أقل سوءاً من أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في بلدان عربية أخرى لإعلان البراءة. إذ كيف نفهم القيود بخصوص العمل؟ كيف يمكن فهم الوظيفة الاجتماعية، والسياسية/ الاقتصادية بالتالي وبالتعريف، لوضع أكثر من 1010• من مجموع السكان في لبنان في هامش؟ إن سوق العمل اللبناني مغلق عملياً أمام الفلسطينيين باستثناء سوق العمل الوحيد الذي يحفظ الفلسطينيين بالضبط في الهامش الوحيد المتاح أمامهم، وهو هامش العمل الأسود، المفتوح. فحتى أفراد النسبة الضئيلة (3،5•) من الفلسطينيين المجازين من قبل السلطات الرسمية فإن شروط العمل الأسود قريبة منهم: إنهم مستثنون من الضمانات الاجتماعية والتقديمات العائلية وغيرها من “الامتيازات” التي تقتطع من أجورهم ويحرمون منها في الوقت نفسه.
صحيح إنه لا توجد عنصرية رسمية غرضها إفقار الفلسطينيين وإثراء اللبنانيين. غير أن هذا لا يمثل غير نصف القصة والجزء الطافي على السطح منها. إذ كيف نتناسى العلاقة القوية بين قطاعات عديدة من قطاعات الاقتصاد اللبناني والسوق الموازية والسوداء التي يحتل فيها العمل الأسود بالضرورة دوراً مركزياً في حيويته؟ وكيف نتناسى واقعة أن الفلسطينيين في لبنان يشكلون بالضبط المادة البشرية في العمالة السوداء؟
وبهذا لخصوص، يحاول حقوقيون ومثقفون ذو نوايا طيبة إثبات لا قانونية ولا إنسانية هذا الحرمان المجحف بحق العمالة الفلسطينية في لبنان. غير أن الأمور تتجاوز كما يظهر النوايا الطيبة بالتأكيد. بدليل وحيد أن هذا الترتيب الإداري جار ونافذ منذ خمسين سنة بالرغم من كل الاعتراضات والاحتجاجات عليه والبراهين بعدم قانونيته والالتماسات لإلغائه منذ حوالي خمسين سنة كذلك. ولا يمكن القول في هذه الحالة لا بسهو المشرّع أو جهله ولا بالتباس الأمور عليه.
يبقى أن نقول إن البؤس الفلسطيني في لبنان يظل عصياً على الاستيعاب إن لم توضع الوظيفة التي تحققها العمالة الفلسطينية في الاجتماع اللبناني نفسه في دائرة الضوء. ويمكن المجازفة بتقديم الفرضية التالي بيانها: عديدة هي القرائن التي ترجح القول إن لبنان، الذي كان تشكل حديثاً حين لجأ الفلسطينيون إليه، ما كان يمكن له غير أن يضع الفلسطينيين على هوامشه وأن يكيّف نفسه، وإذن سياساته واقتصاده، ومنظومة قيمه الاجتماعية، على وجود الفلسطينيين في هذا الهامش، من ناحية، وفي الوقت نفسه توظيف هذا الهامش لصالحه، من ناحية ثانية. ويتصل ذلك بطبيعة الحال تلك “العنصرية” العادية بحسب تعبير الأستاذ سمير قصير في النهار التي أفصح عنها الوزير السابق السيد نقولا فتّوش ناعتاً الفلسطينيين بـ “النفايات البشرية”، وبتلك الطاقة التدميرية الهائلة التي تكشف عنها القتلة الصغار في مجزرة صبرا وشاتيلا، وتفصح عنها بآلاف الصيغ التي لا تبدأ بالنكتة و لا تنتهي بالشفقة. غير أن هذا يستوجب بحثاً لا مجال له هنا ولا محل.
رد: اللاجئون الفلسطينيون في لبنان 32
موظوع قيم
فارس فلسطين- مشرف
- عدد المساهمات : 21
تاريخ التسجيل : 05/08/2009
الموقع : الشارقه
رد: اللاجئون الفلسطينيون في لبنان 32
الله يعطيك العافيه وتشكر على الموجهود القيم
إنتفاضة- مشرفة
- عدد المساهمات : 96
تاريخ التسجيل : 06/08/2009
العمر : 45
الموقع : الامارات
رد: اللاجئون الفلسطينيون في لبنان 32
موضوع قيم ويعطيك العافيه
الحزين- لاجئ جديد
- عدد المساهمات : 6
تاريخ التسجيل : 08/08/2009
العمر : 42
الموقع : uae
مواضيع مماثلة
» اللاجئون الفلسطينيون في لبنان 13
» اللاجئون الفلسطينيون في لبنان 29
» اللاجئون الفلسطينيون في لبنان 14
» اللاجئون الفلسطينيون في لبنان 30
» اللاجئون الفلسطينيون في لبنان 15
» اللاجئون الفلسطينيون في لبنان 29
» اللاجئون الفلسطينيون في لبنان 14
» اللاجئون الفلسطينيون في لبنان 30
» اللاجئون الفلسطينيون في لبنان 15
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى