اللاجئون الفلسطينيون في لبنان 12
صفحة 1 من اصل 1
اللاجئون الفلسطينيون في لبنان 12
ج ـ قطاع الخدمات والإغاثة الاجتماعية:
يأتي هذا القطاع في الدرجة الثالثة بعد التعليم والصحة، ويشهد تراجعا كبيرا أيضا، حسب كليب، “بسبب تقليص نفقات الأونروا. فمن توفير المساعدة للعائلات التي لا تستطيع تأمين الغذاء والمسكن بما شمل جميع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان خفضت الأونروا منذ الثمانينات برنامجها هذا حتى إلغائه وحصره فقط بحالات العسر الشديد. هذه الحالات كانت عام 1996 نسبتها 10.5• مصنفة على أساس عدم وجود ذكر راشد ولائق طبيا لكسب العيش. لكن توجد مقاييس موضوعية تعكس حقيقة الواقع الاجتماعي بشكل أصح مما يرفع هذه النسبة بشكل كبير. من هذه المقاييس القيود المفروضة على عمل الفلسطينيين في لبنان بالدرجة الأولى، وارتفاع نسبة البطالة لحد كبير والتي تترافق بعدم الحصول على تقديمات صحية واجتماعية وتربوية. وهذا ما تثبته معلومات المؤسسات الاجتماعية العاملة في المخيمات، التي تؤكد على أن ثلاثة أرباع فلسطينيي لبنان يقعون تحت خط الفقر. فعائلات أسر الشهداء التي تقدر بحوالي 10 آلاف أسرة لا تستفيد مثلا من هذا البرنامج في الحين الذي تنطبق عليها المقاييس سابقة الذكر”.
من جملة ما قالته مسؤولة برنامج الإغاثة والشؤون الاجتماعية في الأونروا، السيدة زين صيقلي، ردا على سؤالنا بما يخص شكاوى الفلسطينيين المقدمة حول هذه المؤسسة وتعاملهم معها من منطلق الحذر والشك واليقظة:
“إن الإدارة السابقة كانت تخاف من ردود فعل على مشاريع مساعدة للاجئين تفهم وكأنها محاولات توطين. ذلك على غرار ما حصل مثلا عند إصدار البطاقة الجديدة للاجئين وسببها تفسير مسائل على غير محملها. لكن هذا الخوف غير موجود عند الإدارة الحالية خاصة وأن الدول المضيفة والمتبرعة قدرت أهمية استمرار عمل الوكالة حتى انتهاء المفاوضات. فهناك في لبنان ما يعادل 25• من العائلات مستفيدين من برنامج التوزيع الغذائي (أي ما يعادل 10 كيلو طحين، كيلو رز، كيلو سكر، زيت وعدس وحمص وحليب بالإضافة ل40 دولار). كما قد صرف 85 ألف دولار في لبنان منذ 1994 (في الحين الذي صرفت في مخيمات غزة 15 مليون دولار) من أجل إنشاء مشاريع في المخيمات. وهناك برامج قروض تمنح لإنشاء مصالح خاصة تؤمن مداخيلا للمستفيدين ليعتمدوا على أنفسهم. غير أن جزءا من المساعدات المالية المقدمة للاجئين قد توقفت فعلا منذ 1997.
أما بما يخص عدم إنشاء ثانويات للطلبة إلى وقت قريب فكان هناك مساعدات مالية تعطى للعائلات كي يذهب التلامذة للمدارس الثانوية وهذا أوفر من إنشاء مدارس. لكن الأونروا تغطي جزءا من المشكلة وكل اهتمامها ينصب على الفقراء من الفلسطينيين بينما يعتبر الفلسطيني أن كل فرد له الحق كغيره”.
بصدد تقديمات الأونروا، يطالب كليب “بضرورة عملية إصلاح في إدارات هذه الوكالة حيث من غير المعقول أن تبلغ موازنة رئاسة الأونروا التي يعمل فيها ما يقارب 150 موظفا 10.3• من الموازنة الإجمالية للأونروا، فيما موازنة لبنان لا تزيد نسبتها عن 12.6• ويعمل فيها حوالي 1500 موظف، إضافة إلى خدمات تقدم ل350 ألف لاجئ فلسطيني. فالقسم الأكبر من الموازنة يصرف على المخصصات والشؤون الإدارية وهناك هدر مالي واسع وسوء إدارة وتبذير نصف الموازنة في غير مكانها. ففي الحين الذي عجزت فيه هذه المنظمة عن سد العجز المتراكم في موازنتها، الأمر الذي دفعها لتقليص خدماتها بشكل هائل، ترصد أموال ضخمة لدعم مسيرة التسوية وبرنامج تطبيق السلام وبتركيز مباشر على الضفة الغربية وقطاع غزة. ذلك بالطبع إلى جانب الخلل في طريقة إدارة صندوق التوفير والعمليات الاستثمارية من قبل مدراء رئاسة الوكالة والذي تسبب بأزمة مالية هامة للأونروا”.
3 ـ منظمة التحرير الفلسطينية والمرجعية السياسية:
“تشكلت أول مرجعية رسمية للفلسطينيين، يقول صلاح صلاح في تقريره، بعد قرار جامعة الدول العربية بإعلان قيام منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964. في نفس العام فتحت لها مكتبا في بيروت للاهتمام بأوضاع الفلسطينيين ومتابعة قضاياهم مع الجهات المعنية في الدولة اللبنانية. لكن المكتب لم يستطع أن يقوم بمهماته كما يجب بسبب الأحكام العرفية التي كانت سائدة وسيطرة الشعبة الثانية (جهاز أمن عسكري تابع للجيش اللبناني) على المخيمات والتي تمنع أي صلة مع سكانها إلا من خلالها. وقد حرم هذا الجهاز بل طارد أي نشاط (سياسي، إعلامي، نقابي، جماهيري) في المخيمات. لذا اقتصر دور المكتب على مجرد هيئة دبلوماسية تمارس دورها حسب الأصول البروتوكولية للسفارات.
عام 1969، إثر صدامات مسلحة بين الجيش اللبناني والفدائيين الفلسطينيين الذين أقاموا في الجنوب قواعد عسكرية، قامت في لبنان انتفاضة شعبية بقيادة السيد الشهيد كمال جنبلاط، تطالب باحتضان المقاومة الفلسطينية ودعمها والسماح لها بممارسة القتال ضد الاحتلال الإسرائيلي عبر الأراضي اللبنانية. كان من نتائج هذه الانتفاضة استقالة الحكومة آنذاك وشل الحركة السياسية وخلافات بين أطراف السلطة. مما أدى إلى تدخل عبد الناصر ومعالجة الوضع من خلال عقد ما سمي “اتفاق القاهرة” بين السلطة اللبنانية و م ت ف يقر للفلسطينيين تشكيل “اللجنة السياسية العليا” كمرجعية لشؤون الفلسطينيين في لبنان، يتبع لها لجنة شعبية ومقر “كفاح مسلح”، أي شرطة فلسطينية في كل مخيم. وبذلك تكون قد وضعت لأول مرة منذ عام 1948 إدارة لشؤون المخيمات من قبل جهة فلسطينية تعترف بها السلطة اللبنانية.
في عام 1982 قامت إسرائيل باجتياح الأراضي اللبنانية، أولى أهدافه ضرب كل البنية السياسية والتنظيمية والعسكرية ل م ت ف وإنهاء مؤسساتها في لبنان. كانت حرب إسرائيلية مدمرة اضطرت الفلسطينيين للقبول بما سمي اتفاق “فيليب حبيب” الوسيط الأمريكي لإيقاف العدوان الإسرائيلي مقابل تنظيم خروج م.ت.ف بقياداتها ومقاتليها وأجهزتها... استوجب الاتفاق في أحد بنوده تشكيل لجنة، قبلتها السلطات اللبنانية، لتكون المرجعية لبحث كل ما يتعلق بالوجود الفلسطيني المتبقي في لبنان. بدأت هذه الجهة اتصالاتها مع الجهة التي حددها لها المسؤولون (وكانت جهة أمنية). لكن هذه الاتصالات التي كان من المفترض أن تضع أسسا لتنظيم العلاقة الفلسطينية اللبنانية ما لبثت أن تعطلت من قبل الطرف اللبناني، وطوردت من نفس الجهاز الذي حددت الصلة معه، فاعتقل بعض أعضاء اللجنة واضطر البعض الآخر إلى المغادرة. فأصبح الفلسطينيون بلا مرجعية. قد يكون هذا أحد الأسباب الذي شجع البعض لشن حرب على المخيمات بقصد السيطرة عليها (لعدم وجود مرجعية).
بعد انتهاء الحرب على المخيمات عملت م ت ف على إعادة تفعيل دورها في لبنان فشكلت “قيادة العمل الوطني الفلسطيني” من الفصائل المنضوية في إطارها لتكون المرجعية الفلسطينية في لبنان على كل المستويات وفي جميع المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية وغيرها. ونشطت دوائر أساسية لتقديم خدمات ملحة للمخيمات...
في عام 1990 تم التوصل لاتفاق الطائف الذي أنهى الحرب في لبنان، وبدء مرحلة جديدة من التعايش السلمي والاستقرار الأمني. وكان لا بد أن يشمل ذلك الفلسطينيين المقيمين على الأراضي اللبنانية. فتشكلت لجنة وزارية للحوار مع الفلسطينيين تنطلق من قاعدة الاعتراف ـ لأول مرة منذ العام 1948 ـ بالحقوق المدنية والاجتماعية للفلسطينيين في لبنان، باستثناء التجنيس والعمل في الوظائف العامة. شكل الفلسطينيون بالمقابل لجنتهم وبدأ الحوار بين الطرفين. قدمت اللجنة الفلسطينية ورقة عمل تحدد تصورها للحقوق المدنية والاجتماعية والمشكلات التي يجب حلها لتستقيم العلاقة الفلسطينية اللبنانية. وتم الاتفاق في هذا الاجتماع على موعد وجدولة الاجتماعات اللاحقة، لكن الطرف اللبناني ماطل في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه وما زال يماطل حتى الآن...”.
مثلت منظمة التحرير الفلسطينية حتى سنوات خلت بمؤسساتها المتعددة مصدر دخل لا بأس به لفلسطينيي لبنان إلى أن بدأت تتراجع ميزانيتها المقتطعة لبلدان اللجوء بتحويلها إلى الداخل عند إندلاع إنتفاضة 1987. تفاقم الوضع مع اندلاع حرب الخليج الثانية عندما قطعت الدول الخليجية القسم الأكبر من مساعداتها للمنظمة بسبب موقفها المناصر للعراق. هذا الإجراء كان قد ترافق بطرد عدد لا بأس به من العائلات الفلسطينية التي تقطن في الخليج، حيث أن قسما منها لم يترك له المجال حتى بتحويل مدخراته أو الحصول على مستحقاته المالية. تقلص إذن الدعم الذي كانت ترسله م ت ف للمخيمات مع بدء مفاوضات مدريد إلى أن توقف نهائيا بعد اتفاق أوسلو. استثني من ذلك رواتب الموظفين الذي تبقوا في بعض دوائرها ومساعدات لعوائل الشهداء. وعليه، يمكننا أن نتصور ما آل إليه وضع الفلسطينيين في المخيمات بعد أن كانت تهتم بمعالجة المسائل الحياتية والإنسانية من إعادة اعمار المخيمات التي دمرت إلى معالجة البنى التحتية وسد النقص في تقديمات الأونروا على صعيد الصحة والتعليم الخ.
حول تمثيلية منظمة التحرير الفلسطينية التقينا ممثل المنظمة في لبنان منذ نشأتها في 1964 حتى 1993، السيد شفيق الحوت (كان عضو لجنة تنفيذية وعضو مجلس وطني فلسطيني واستقال من اللجنة التنفيذية ومن تمثيله للمنظمة في لبنان في 93 احتجاجا على توقيع القيادة الفلسطينية على اتفاقية أوسلو). لم يعد بعد هذه الاستقالة من ممثل رسمي لمنظمة التحرير في لبنان، لكن القيادة الفلسطينية رفضت هذه الاستقالة ولم تعين بديلا والحكومة اللبنانية غضت الطرف عن الموضوع. فالسيد الحوت يمارس أحيانا بعض الصلاحيات لتصريف أمور الفلسطينيين في لبنان، حيث ما زال توقيعه معتمداً في الدوائر الرسمية.
يقول شفيق الحوت: “يعيش لبنان اليوم ظروفا استراتيجية واحدة مع سوريا، بالتالي من المفترض أن يكون خصوم أوسلو هم الفصائل المسموح لهم بالحركة في الساحة اللبنانية. لكن لأكثر من سبب، منها عجز هذه الفصائل وخلافاتهم فيما بينهم، ومن ناحية أخرى رواسب التجربة التاريخية بين الفلسطينيين واللبنانيين، ما ولّد عدم رغبة عند الحكومة اللبنانية بإعادة صلة رسمية بمنظمة التحرير بحيث بتنا بلا مرجعية. خاصة وأنه منذ 1982 لم يعد هناك من قيادة فلسطينية ومن مؤسسات فلسطينية لمنظمة التحرير في لبنان.
يأتي هذا القطاع في الدرجة الثالثة بعد التعليم والصحة، ويشهد تراجعا كبيرا أيضا، حسب كليب، “بسبب تقليص نفقات الأونروا. فمن توفير المساعدة للعائلات التي لا تستطيع تأمين الغذاء والمسكن بما شمل جميع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان خفضت الأونروا منذ الثمانينات برنامجها هذا حتى إلغائه وحصره فقط بحالات العسر الشديد. هذه الحالات كانت عام 1996 نسبتها 10.5• مصنفة على أساس عدم وجود ذكر راشد ولائق طبيا لكسب العيش. لكن توجد مقاييس موضوعية تعكس حقيقة الواقع الاجتماعي بشكل أصح مما يرفع هذه النسبة بشكل كبير. من هذه المقاييس القيود المفروضة على عمل الفلسطينيين في لبنان بالدرجة الأولى، وارتفاع نسبة البطالة لحد كبير والتي تترافق بعدم الحصول على تقديمات صحية واجتماعية وتربوية. وهذا ما تثبته معلومات المؤسسات الاجتماعية العاملة في المخيمات، التي تؤكد على أن ثلاثة أرباع فلسطينيي لبنان يقعون تحت خط الفقر. فعائلات أسر الشهداء التي تقدر بحوالي 10 آلاف أسرة لا تستفيد مثلا من هذا البرنامج في الحين الذي تنطبق عليها المقاييس سابقة الذكر”.
من جملة ما قالته مسؤولة برنامج الإغاثة والشؤون الاجتماعية في الأونروا، السيدة زين صيقلي، ردا على سؤالنا بما يخص شكاوى الفلسطينيين المقدمة حول هذه المؤسسة وتعاملهم معها من منطلق الحذر والشك واليقظة:
“إن الإدارة السابقة كانت تخاف من ردود فعل على مشاريع مساعدة للاجئين تفهم وكأنها محاولات توطين. ذلك على غرار ما حصل مثلا عند إصدار البطاقة الجديدة للاجئين وسببها تفسير مسائل على غير محملها. لكن هذا الخوف غير موجود عند الإدارة الحالية خاصة وأن الدول المضيفة والمتبرعة قدرت أهمية استمرار عمل الوكالة حتى انتهاء المفاوضات. فهناك في لبنان ما يعادل 25• من العائلات مستفيدين من برنامج التوزيع الغذائي (أي ما يعادل 10 كيلو طحين، كيلو رز، كيلو سكر، زيت وعدس وحمص وحليب بالإضافة ل40 دولار). كما قد صرف 85 ألف دولار في لبنان منذ 1994 (في الحين الذي صرفت في مخيمات غزة 15 مليون دولار) من أجل إنشاء مشاريع في المخيمات. وهناك برامج قروض تمنح لإنشاء مصالح خاصة تؤمن مداخيلا للمستفيدين ليعتمدوا على أنفسهم. غير أن جزءا من المساعدات المالية المقدمة للاجئين قد توقفت فعلا منذ 1997.
أما بما يخص عدم إنشاء ثانويات للطلبة إلى وقت قريب فكان هناك مساعدات مالية تعطى للعائلات كي يذهب التلامذة للمدارس الثانوية وهذا أوفر من إنشاء مدارس. لكن الأونروا تغطي جزءا من المشكلة وكل اهتمامها ينصب على الفقراء من الفلسطينيين بينما يعتبر الفلسطيني أن كل فرد له الحق كغيره”.
بصدد تقديمات الأونروا، يطالب كليب “بضرورة عملية إصلاح في إدارات هذه الوكالة حيث من غير المعقول أن تبلغ موازنة رئاسة الأونروا التي يعمل فيها ما يقارب 150 موظفا 10.3• من الموازنة الإجمالية للأونروا، فيما موازنة لبنان لا تزيد نسبتها عن 12.6• ويعمل فيها حوالي 1500 موظف، إضافة إلى خدمات تقدم ل350 ألف لاجئ فلسطيني. فالقسم الأكبر من الموازنة يصرف على المخصصات والشؤون الإدارية وهناك هدر مالي واسع وسوء إدارة وتبذير نصف الموازنة في غير مكانها. ففي الحين الذي عجزت فيه هذه المنظمة عن سد العجز المتراكم في موازنتها، الأمر الذي دفعها لتقليص خدماتها بشكل هائل، ترصد أموال ضخمة لدعم مسيرة التسوية وبرنامج تطبيق السلام وبتركيز مباشر على الضفة الغربية وقطاع غزة. ذلك بالطبع إلى جانب الخلل في طريقة إدارة صندوق التوفير والعمليات الاستثمارية من قبل مدراء رئاسة الوكالة والذي تسبب بأزمة مالية هامة للأونروا”.
3 ـ منظمة التحرير الفلسطينية والمرجعية السياسية:
“تشكلت أول مرجعية رسمية للفلسطينيين، يقول صلاح صلاح في تقريره، بعد قرار جامعة الدول العربية بإعلان قيام منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964. في نفس العام فتحت لها مكتبا في بيروت للاهتمام بأوضاع الفلسطينيين ومتابعة قضاياهم مع الجهات المعنية في الدولة اللبنانية. لكن المكتب لم يستطع أن يقوم بمهماته كما يجب بسبب الأحكام العرفية التي كانت سائدة وسيطرة الشعبة الثانية (جهاز أمن عسكري تابع للجيش اللبناني) على المخيمات والتي تمنع أي صلة مع سكانها إلا من خلالها. وقد حرم هذا الجهاز بل طارد أي نشاط (سياسي، إعلامي، نقابي، جماهيري) في المخيمات. لذا اقتصر دور المكتب على مجرد هيئة دبلوماسية تمارس دورها حسب الأصول البروتوكولية للسفارات.
عام 1969، إثر صدامات مسلحة بين الجيش اللبناني والفدائيين الفلسطينيين الذين أقاموا في الجنوب قواعد عسكرية، قامت في لبنان انتفاضة شعبية بقيادة السيد الشهيد كمال جنبلاط، تطالب باحتضان المقاومة الفلسطينية ودعمها والسماح لها بممارسة القتال ضد الاحتلال الإسرائيلي عبر الأراضي اللبنانية. كان من نتائج هذه الانتفاضة استقالة الحكومة آنذاك وشل الحركة السياسية وخلافات بين أطراف السلطة. مما أدى إلى تدخل عبد الناصر ومعالجة الوضع من خلال عقد ما سمي “اتفاق القاهرة” بين السلطة اللبنانية و م ت ف يقر للفلسطينيين تشكيل “اللجنة السياسية العليا” كمرجعية لشؤون الفلسطينيين في لبنان، يتبع لها لجنة شعبية ومقر “كفاح مسلح”، أي شرطة فلسطينية في كل مخيم. وبذلك تكون قد وضعت لأول مرة منذ عام 1948 إدارة لشؤون المخيمات من قبل جهة فلسطينية تعترف بها السلطة اللبنانية.
في عام 1982 قامت إسرائيل باجتياح الأراضي اللبنانية، أولى أهدافه ضرب كل البنية السياسية والتنظيمية والعسكرية ل م ت ف وإنهاء مؤسساتها في لبنان. كانت حرب إسرائيلية مدمرة اضطرت الفلسطينيين للقبول بما سمي اتفاق “فيليب حبيب” الوسيط الأمريكي لإيقاف العدوان الإسرائيلي مقابل تنظيم خروج م.ت.ف بقياداتها ومقاتليها وأجهزتها... استوجب الاتفاق في أحد بنوده تشكيل لجنة، قبلتها السلطات اللبنانية، لتكون المرجعية لبحث كل ما يتعلق بالوجود الفلسطيني المتبقي في لبنان. بدأت هذه الجهة اتصالاتها مع الجهة التي حددها لها المسؤولون (وكانت جهة أمنية). لكن هذه الاتصالات التي كان من المفترض أن تضع أسسا لتنظيم العلاقة الفلسطينية اللبنانية ما لبثت أن تعطلت من قبل الطرف اللبناني، وطوردت من نفس الجهاز الذي حددت الصلة معه، فاعتقل بعض أعضاء اللجنة واضطر البعض الآخر إلى المغادرة. فأصبح الفلسطينيون بلا مرجعية. قد يكون هذا أحد الأسباب الذي شجع البعض لشن حرب على المخيمات بقصد السيطرة عليها (لعدم وجود مرجعية).
بعد انتهاء الحرب على المخيمات عملت م ت ف على إعادة تفعيل دورها في لبنان فشكلت “قيادة العمل الوطني الفلسطيني” من الفصائل المنضوية في إطارها لتكون المرجعية الفلسطينية في لبنان على كل المستويات وفي جميع المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية وغيرها. ونشطت دوائر أساسية لتقديم خدمات ملحة للمخيمات...
في عام 1990 تم التوصل لاتفاق الطائف الذي أنهى الحرب في لبنان، وبدء مرحلة جديدة من التعايش السلمي والاستقرار الأمني. وكان لا بد أن يشمل ذلك الفلسطينيين المقيمين على الأراضي اللبنانية. فتشكلت لجنة وزارية للحوار مع الفلسطينيين تنطلق من قاعدة الاعتراف ـ لأول مرة منذ العام 1948 ـ بالحقوق المدنية والاجتماعية للفلسطينيين في لبنان، باستثناء التجنيس والعمل في الوظائف العامة. شكل الفلسطينيون بالمقابل لجنتهم وبدأ الحوار بين الطرفين. قدمت اللجنة الفلسطينية ورقة عمل تحدد تصورها للحقوق المدنية والاجتماعية والمشكلات التي يجب حلها لتستقيم العلاقة الفلسطينية اللبنانية. وتم الاتفاق في هذا الاجتماع على موعد وجدولة الاجتماعات اللاحقة، لكن الطرف اللبناني ماطل في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه وما زال يماطل حتى الآن...”.
مثلت منظمة التحرير الفلسطينية حتى سنوات خلت بمؤسساتها المتعددة مصدر دخل لا بأس به لفلسطينيي لبنان إلى أن بدأت تتراجع ميزانيتها المقتطعة لبلدان اللجوء بتحويلها إلى الداخل عند إندلاع إنتفاضة 1987. تفاقم الوضع مع اندلاع حرب الخليج الثانية عندما قطعت الدول الخليجية القسم الأكبر من مساعداتها للمنظمة بسبب موقفها المناصر للعراق. هذا الإجراء كان قد ترافق بطرد عدد لا بأس به من العائلات الفلسطينية التي تقطن في الخليج، حيث أن قسما منها لم يترك له المجال حتى بتحويل مدخراته أو الحصول على مستحقاته المالية. تقلص إذن الدعم الذي كانت ترسله م ت ف للمخيمات مع بدء مفاوضات مدريد إلى أن توقف نهائيا بعد اتفاق أوسلو. استثني من ذلك رواتب الموظفين الذي تبقوا في بعض دوائرها ومساعدات لعوائل الشهداء. وعليه، يمكننا أن نتصور ما آل إليه وضع الفلسطينيين في المخيمات بعد أن كانت تهتم بمعالجة المسائل الحياتية والإنسانية من إعادة اعمار المخيمات التي دمرت إلى معالجة البنى التحتية وسد النقص في تقديمات الأونروا على صعيد الصحة والتعليم الخ.
حول تمثيلية منظمة التحرير الفلسطينية التقينا ممثل المنظمة في لبنان منذ نشأتها في 1964 حتى 1993، السيد شفيق الحوت (كان عضو لجنة تنفيذية وعضو مجلس وطني فلسطيني واستقال من اللجنة التنفيذية ومن تمثيله للمنظمة في لبنان في 93 احتجاجا على توقيع القيادة الفلسطينية على اتفاقية أوسلو). لم يعد بعد هذه الاستقالة من ممثل رسمي لمنظمة التحرير في لبنان، لكن القيادة الفلسطينية رفضت هذه الاستقالة ولم تعين بديلا والحكومة اللبنانية غضت الطرف عن الموضوع. فالسيد الحوت يمارس أحيانا بعض الصلاحيات لتصريف أمور الفلسطينيين في لبنان، حيث ما زال توقيعه معتمداً في الدوائر الرسمية.
يقول شفيق الحوت: “يعيش لبنان اليوم ظروفا استراتيجية واحدة مع سوريا، بالتالي من المفترض أن يكون خصوم أوسلو هم الفصائل المسموح لهم بالحركة في الساحة اللبنانية. لكن لأكثر من سبب، منها عجز هذه الفصائل وخلافاتهم فيما بينهم، ومن ناحية أخرى رواسب التجربة التاريخية بين الفلسطينيين واللبنانيين، ما ولّد عدم رغبة عند الحكومة اللبنانية بإعادة صلة رسمية بمنظمة التحرير بحيث بتنا بلا مرجعية. خاصة وأنه منذ 1982 لم يعد هناك من قيادة فلسطينية ومن مؤسسات فلسطينية لمنظمة التحرير في لبنان.
مواضيع مماثلة
» اللاجئون الفلسطينيون في لبنان 14
» اللاجئون الفلسطينيون في لبنان 30
» اللاجئون الفلسطينيون في لبنان 15
» اللاجئون الفلسطينيون في لبنان 31
» اللاجئون الفلسطينيون في لبنان 16
» اللاجئون الفلسطينيون في لبنان 30
» اللاجئون الفلسطينيون في لبنان 15
» اللاجئون الفلسطينيون في لبنان 31
» اللاجئون الفلسطينيون في لبنان 16
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى